منذ اللحظات الأولى التى وطأت
فيها قدما ذلك البحار الشاب ، ارضية المقهى الصغير الشهير ، فى ميناء
(مارسيليا) الفرنسى ، ادرك الكل انه هارب من شئ ما ..

كان زائغ العينين ، مرتجف الأطراف ، عصبى الملامح ، والعرق يغمر وجهه فى
غزارة ، على الرغم من برودة الطقس فى الخارج ، واصابعه الممسكة بقبعة
البحارة بين يديه ، تتحرك طوال الوقت ، على نحو عجيب ، وهو يتجه نحو البار
مباشرة ، ثم يتوقف أمامه بضع لحظات ؛ ليحصى النقود القليلة فى جيبه قبل أن
يقول :

- زجاجة مياه غازية فحسب .

أبتسم البحارة القريبين فى سخرية ، وقهقه آخر فى آخر المكان ، فى الحين
تطلع البعض الآخر إلى الشاب فى شئ من الإشفاق ، وعامل البار يقول له فى
صرامة قاسية :

- النقود أولاً.

كان العامل - بخبرته فى هذا المجال- يخشى تناول الشاب الزجاجة ، ثم يتضح
بعدها انه لا يملك ثمنها ، إلا أن الشاب ألقى إليه النقود فى عصبية ، ثم
راح يحصى ما تبقى لديه ، وهو يلتقط الزجاجة ، ويتجه بها إلى أبعد وأصغر
منضدة فى المكان كله ، وعيناه الزائغتان مازالتا تدوران فى المكان ، على
نحو جعله أشبه بحيوان صغير مذعور ، لا يدرى أين يمكن أن يذهب..

ولربع ساعة أو أقل ، لم يكد لرواد المقهى الصغير من الحديث ، إلا عن ذلك
الساب ، الذى راح الكل يستنتج جنسيته ومشاكله ، ثم لم يلبث الجميع أن
أهملوه وتناسوه ، وأنشغلوا فى أعمالهم وأحاديثهم ..







فيما عدا هى ..





(روز) تلك المرأة الجميلة الفاتنة ، التى تعرفها مارسيليا كلها ، منذ بضع
سنوات ، والتى أعتادت التردد على مقاهى البحارة ، المنتشرة فى الميناء
وحوله ؛ لقضاء بعض الوقت ، ولالتقاط زبائنها من بين بحارة السفن الأجنبية
..


وبالذات القادمة من الدول العربية ..


وفى مارسيليا كلها ، كانت تتردد رواية واحدة ، عن (روز) الحسناء ، التى
تفتح قلبها فى صباها ، على حب بحار عربى شاب خلب لبها ، و ......
<ألخ>

ووفقاً للرواية ، اختفى البحار العربي ذات يوم ، وجن جنون (روز) وهى تبحث
عنه فى كل مكان ، قبل أن تكتشف الشرطة جثته فى مخزن مهجور ..

فمع جمال (روز) ، اندفع بحار آخر مخمور ، إلى قتل حبيبها العربى ، مدفوعاً بالحب والغيرة وغياب العقل ..

وانهارت (روز) ، وهامت على وجهها فى شوارع مدينتها قبل أن تتخذ قرارها
بالسفر إلى مارسيليا ، بحثاً عن بحار عربى آخر ، يمكن أن يعوضها عن حبيبها
السابق ..

ومنذ استقرت (روز) مع قصتها ، فى قلب مارسيليا ،وهى ترتاد كل المقاهى
الخاصة بالبحارة ، وتعقد الصداقات مع كل من هو أصل عربى منهم ، حتى اطلق
عليها البحارة العرب هناك اسم (زهرة مارسيليا) ..

وفى تلك الليلة ، التى وصل فيها ذلك البحار الشاب إلى المقهى ، كانت (روز)
تراقص شابا ألمانيا ضخم الجثة ، فى ضجر واضح، حتى جذب الشاب انتباهها
واهتمامها ، خاصة مع اسم سفينته التجارية ، التى رست عند الميناء صباح
اليوم فحسب ، والمكتوب فى وضوح ، على القبعة التى وضعها أمامه ، على
المنضدة الصغيرة ، وهو يرتوى بزجاجة المياه الغازية فى نهم ، وعيناه
متعلقتان بقطعة لحم كبيرة ، راح بحاران إيطاليان يلتهمانها فى شراهة ، على
المنضدة المجاورة ..

وبخبرتها وذكائها ، ادركت (روز) أن البحار الشاب مصرى الجنسية ، وانه يعانى صعوبة اتخاذ قرار ما ، فى تلك الفترة من أوائل سبعينات القرن العشرين ..

و ببعض كلمات هامسة ، تخلصت (روز) من الألمانى الضخم ، واتجهت مباشرة نحو
مائدة البحار الشاب ، وجلست أمامه دون أستأذان ، هى تسأله ، فى صوت يحمل
طناً من الشفقة والحنان :

- أجائع أنت ؟!

ارتبك البحار الشاب بشدة ، ولوح بكفه فى ذعر ، هاتفاً

- كلا .. لست جائعاً .

ابتسمت (روز) ابتسامة حانية ، قبل ان تستدعى النادل ، وتطلب منه وجبة دسمة ساخنة ، جعلت الشاب يرتبك أكثر ، و هو يقول :

- لا .. لست أر ...

قاطعته بأبتسامة كبيرة ، وهى تربت على يده :

- اطمئن .. أنا سأدفع الحساب .

وجاء الطعام ، وتردد الشاب بعض لحظات ، ثم لم يلب أن أقبل عليه فى لهفة ،
جعلتها تبتسم فى ثقة ؛ لبراعتها فى اختيار اهدافها ، وهى تراقبه فى صمت ،
حتى انتهى من طعامه ، ثم غمغم فى خجل وارتباك :

- شكراً ... كنت احتاج إلى هذا بالفعل .

منحته ابتسامة ساحرة ، وهى تسأله :

- انت مصرى أليس كذلك ؟!

أومأ برأسه إيجاباً ، وقال فى استسلام :

- بلى ... سفينتى رست هذا الصباح ، وستعود إلى الوطن صباح الثلاثاء القدام ... أى بعد خمسة أيام فحسب .

ثم تردد لحظة ، قبل ان يضيف فى خفوت :

- لكنى لن أعود معها .

بدا من الواضح ان عبارته الأخيرة قد جذبتها بشدة ، فقد اعتدلت فى مجلسها ، وتالق بريق ما فى عينيها ، وهى تساله فى حذر :

- ولماذا ؟!

راح يروى لها معناته فى مصر ، وعجزه عن توفير حياة كريمة لنفسه ، ومزج هذا
بحديث ساخط عن غياب الديموقراطية ، وحالة اللا سلم واللاحرب ، و ارتفاع
أسعار المواد الغذائية الرئيسية ..

واستغرق حديثهما هذا المساء كله ، حتى دقت الساعة ، معلنة تمام الثانية
صباحاً ، فابتسمت (روز) واحدة من ابتسامتها الساحرة ، وهى تقول :

- هل يمكننى ان ادعوك إلى المبيت أيضاً ؟!

ومرة أخرى تردد الشاب طويلاً ، ثم بدا وكانه مغلوب على أمره ، وهو يتبعها
فى صمت ، إلى منزلها الصغير الأنيق ، دون أن ينبس ببنت شفة ، ولكنه ما أن
أصبح داخل المنزل ، حتى ألقى نفسه على أقرب أريكة إليه ، وغرق فى سبات عميق
..

أما ( روز) ، أو ( زهرة مارسيليا) ، فقد وقفت تتطلع إليه بضع لحظات ، قبل أن ترفع أح حاجبيها وتخفضه مغمغمة :

- ممتاز .

وفى هدوء شديد ، دلفت إلى حجرتها ، وأغلقت بابها خلفها فى أحكام ، ثم انحنت
تلتقط جهاز اتصال لا سلكى ، مخفياً بمهارة فى تجويف خاص ، فى قاعدة فراشها
، وراحت تبث رسالة شفرية خاصة ، إلى سفينة صغيرة ، من السفن الدائمة فى
الميناء ، والتى تقتصر مهمتها على أستقبال مثل تلك الرسائل ، وإعادة بثها ،
على نحو اكثر قوة ، بوسائل أكثر تطوراً ، إلى قلب الدولة غير العربية
الوحيدة ، فى الشرق الأوسط كله ..

إلى (تل ابيب) ...

وبعدها نامت (روز) ملء جفنيها ..

وفى الصباح التالى ، وقبل ان تغادر حجرتها كان جهازها اللاسلكى يستقبل أوامر عاجلة وصارمة من ( الموساد) الإسرائيلى ، الذى تعمل

لحسابه ...

لا بد من تطبيق الإجراءات المعتادة ، على الصيد الجديد .. فوراً ..

ولقد نفذت ( روز) الأوامر بمنتهى الدقة ، كما اعتادت أن تفعل فى كل مرة ..

فالحقيقة أن (روز) هذا لم يكن أبداً أسمها الحقيقى ..

إنها (جولى جولدشتاين) ، يهودية
من أصل فرنسي ، تعمل لحساب المخابرات الاسرائيلية ، منذ أكثر من ستة أعوام ..

اما قصة (روز) وحبيب صباها العربى ، فما هى إلا خدعة كبيرة ؛ لتبرير سعيها
لعقد الصداقات والعلاقات ، مع بحارة السفن العربية ، وانتقاء النوعيات
الصالحة مهم للتجنيد ، والعمل لحساب الموساد
الإسرائيلى ..

ولقد حققت (روز) نجاحاً ملحوظاً ، جعل المخابرات الإسرائيلية تعتبرها واحدة من أمهر وأبرع جواسيسها فى أوروبا كلها ..

ولعل براعتها تعود إلى جمالها الفاتن ، وقدرتها المدهشة على اصطناع الحنان ، ومنح الحب للجميع ..

وبخاصة البحارة العرب ..

وفى ذلك الصباح ،أعدت (روز) لضحيتها الشاب وجبة إفطار شهية ، قبل أن تسأله فى أهتمام :

- أمازلت مصراً على عدم العودة إلى مصر ؟!

أومأ برأسه إيجابا ، وهو يقول فى أسى :

- أى عمل هنا ، سيكون أفضل من العودة إلى مصر .

مالت نحوه ، هامسة :

- وماذا لو كانت العودة أفضل من البقاء هنا؟!

بدا مبهوراً ، مع رائحة أنفاسها العطرة ، وهو يلهث متسائلا :

- وكيف هذا ؟!

تراجعت بأبتسامة كبيرة ، قائلة :

- عندى وسيلة مضمونة .

نطقتها ، ثم غمزت بعينيها ، قبل أت تطلق ضحكة عابثة طويلة ، ظلت تتردد فى
أذنى وقلب البحار الشاب ، حتى قدمته (روز) لصديقها (فرانسوا) ، الذى بدا
شديد الوسامة والأناقة والود ، وهو يصافح البحار الشاب ويسأله عن استعداده
للعمل داخل مصر ، براتب جيد ، ومكافآت سخية ، مع كل عمل جيد يقوم به ..

وعندما سأله الشاب عن نوع العمل ، الذى يستحق كل هذا ، ابتسم (فرانسوا) ، مجيباً فى خبث :

- هذا يتوقف على مهارتك .

ثم مال نحوه وربت على ركبته ، مضيفاً :

- واكثر ما يهمنا هو أن تتميز بالكتمان ، وألا يعرف مخلوق واحد ما تفعله من اجلنا

هتف الشاب بكل حماسة :

- بالتأكيد يا مسيو ( فرانسوا) .. بكل تأكيد .

وعلى عكس خططه السابقة ، عاد البحار الشاب إلى مصر ، وفى جيبه ثلاثمائة دولار ، مع مطلب واحد للوسيم ( فرانسوا) ..





الحصول على أسعار الخضر والفاكهة فى مصر ..



وبعد شهر واحد عاد الشاب إلى مارسليا ، واستقبل (روز) كما استقبلته ،
بمنتهى الحرارة واللهفة ، واخبرها أنه قد أحضر ما طلبه صديقها الوسيم ،
وأضاف إليه أيضاً أسعار اللحوم و الدجاج ، ومعلومة عن أزمة البيض والعلب
المحفوظة ..

ولقد ابتسم (فرانسوا) ابتسامة كبيرة ، وهو يستمع إلى هذه المعلومات ، قبل
أن يمنحه ثلاثمائة دولار أخرى كراتب شهرى ، ومثلها كمكافأة لما أحضره من
معلومات ..

ولم يخف الشاب فرحته بالنقود ، ولا دهشته لعدم تناسبها مع المعلومات البسيطة التى أحضرها ، ولكن ( فرانسوا) ربت على كتفه قائلاً :

- ربما تكون المعلومات المطلوبة أكثر أهمية فى المرة القادمة .

وكان هذا صحيحاً ، ففى المرة التالية ، كان المطلوب منه معرفة عدد السفن التجارية والحربية ، فى ميناء الإسكندرية ، وجنسايتها ..

ولقد عاد الشاب بالمعلومة ، وأبدى سعادة أكبر بالمكافأة الجديدة ، التى
أنفق نصفها على محبوبته الفاتنة ( روز) ، قبل أن يعود إلى القاهرة ، مع
أوامر بالسعى لمعرفة عدد مدافع الميدان ، حول الميناء التجارى فى
الأسكندرية ..

وعاد البحار الشاب بالمعلومات الجديدة ، واستقبلته (روز) فى أجمل وأحلى
ثيابها ، ومنحته أعذب أبتسامتها ، إلا أنه بدا صارماً حاداً ، وهو يقول :

- المعومات التى يطلبها (فرانسوا) أصبحت مرهقة ، وانا أضطر لإنفاق الكثير من اجل الحصول عليها .

تطلعت إليه بابتسامة خبيثة ، قبل أن تقول:

- هل تريد زيادة المكافأة ؟!

هتف فى حدة:

- أظن أن هذا حقى .

أطلقت ضحكة عابثة طويلة ، قبل أن تهمس فى أذنه وعطرها الفواح يلهب مشاعره :

- إنه حقك ، ولكنك تعرف اليهود ... لن يمنحوك هذه الزيادة بسهولة .

كانت أول مرة تصارحه فيها بحقيقة من يعمل لحسابهم ، لذا فقد حدق فيها بضع لحظات مبهوتاً ، قبل أن يهز رأسه ، قائلاً :

- يهود او حتى بوذيين .. المهم ان يدفعوا جيداً .

ولقد راق هذا كثيراً للوسيم ، الذى أعلن فى وضوح اسمه
الحقيقى هو (إفرايم) ، وأن رؤسائه مستعدون لمضاعفة المكافأة ، لو أنه أحضر
المزيد من المعلومات العسكرية والبحرية ، والتجارية أيضاً ..

وبعد مساومة طويلة ، وافق الشاب على القيام بالمهمة الجديدة ..

وفى الزيارة التالية ، أحضر كومة لا بأس بها من المعلومات عن القطع التابعة للسلاح البحرى المصرى التى تحمى ميناء (الأسكندرية) ..

وكانت المكافأة سخية بحق ، حتى إن الشاب دعا (إفرايم) و(روز) إلى العشاء ، فى احد أكبر مطاعم مرسيليا ..

وفى أثنا العشاء ، فجر الشاب مفاجأة مزهلة ، وهو يقول :

- الفرنسيون أحضروا بعض الصناديق العسكرية إلى سفينتنا سراً مساء أمس .

جن جنون (إفرايم) ، وراح يبذل جهدا خارقاً ، لمعرفة ما تحتويه تلك الصناديق
العسكرية ، إلا أن الشاب أكد انه لا يفقه شيئاً عن الرسوم التى عليها ،
وانه لا يجيد الرسم لينقلها إليهم ، و .. ، و ...

ولأن الأمر بالغ الأهمية والخطورة ، تشبت (إفرايم ) بذراع الشاب ، وهو يقول :

- أسمع .. لا بد ان أرى تلك الصناديق ، قبل أن تقلع سفينتك ، وبأى ثمن .. هل تفهم ؟! بأى ثمن .

نفض الشاب يده ، وهو يقول فى حدة :

- مستحيل ! لن يسمحوا بصعود غريب إلى سطح السفينة أبداً .. مستحيل !

بدا (إفرايم) شديد العصبية ، وهو يتحدث مع (روز) بالعبرية ، والشاب يتطلع
إليهما فى بلاهة ، شأن من لا يفقه حرفاً واحداً مما يقولانه ، قبل أن تومئ
(روز) برأسها ، ثم تلتفت إلى الشاب ، قائلة فى هدوء :

ألم تدعنى يوماً للقائك فى قمرتك ، على سطح السفينة .

لوح الشاب بيده قائلاً :

هذا الأمر يختلف .. انهم يعتبرونها نزوة عاطفية ، و ..

قاطعته بأبتسامة كبيرة :

- فليكن .. سألقاك الليلة ، على سطح سفينتك .

هتف بمنتهى اللهفة :

- حقاً؟!

واتسعت ابتسامة (إفرايم) فى ارتياح ..

ومع دقات الساعة ، معلنة منتصف الليل ، وقف (إفرايم) يفرك كفيه فى توتر ،
وهو يراقب (روز) ، التى صعدت إلى سطح السفينة ، واستقبلها البحار الشاب
بأبتسامة أخيرة وهو يقول :

- أخيراً يا زهرة مارسيليا .

ابتسمت فى ثقة ، قائلة :

- نعم ، اخيراً .

أمسك يدها فى قوة أدهشتها ، وهو يقودها إلى قمرات البحارة ، فسألته فى لهفة ، لم تستطع إخفائها :

- أين الصناديق الفرنسية العسكرية ؟!

ابتسم فى خبث قائلاً :

- أيه صناديق ؟!

خُيل إليها أنها تراه لأول مرة ، بقامته الطويلة ، وصدره العريض ، وهو يتطلع إليها فى ظفر عجيب ، جعلها تقول فى حدة :

- من انت بالضبط ؟!

أغلق الباب العازل للصوت ، وهو يقول بلهجة قوية حازمة ، لم تعهدها منه قط :

- من تتوقعين أن أكون ؟!

نطقها بالعبرية ، وبطلاقة مدهشة ، جعلت جسدها كله ينتفض فى عنف ، وهى تحدق
فيه بكل ذعر الدنيا ، فأمسك ذراعيها فى قوة ، وتطلع إلى عينيها مباشرة ،
بنظرة جمدت الدم فى عروقها ، وهو يتابع :

- صديقك ( إفرايم) ، الذى يراقب المكان فى الخارج سيشاهد بعد قليل ، على
الضوء الخافت ، اثنين يشبهاننا يغادران السفينة ، ويستقلان سيارة ، ستقلهما
إلى خارج الميناء ، ومن المؤكد انه يسحاول تعقبهما ، ولكنه لن يعثر عليهما
أبداً.

حاولت تتخلص من قبضتيه القويتين عبثاً ، مع استطرادته :

- لقد أوقعت الكثيرين فى فخك ، يا زهرة مارسيليا المسمومة ، حتى وجدنا انه
لابد من إزاحتك عن الطريق لإنقاذ شباب بحارتنا من مخالبك الوردية ..

ومال نحوها ، حتى خُيل إليها أنها ستذوب فى عينيه الصارمتين المسيطرتين ، وهو يقول :

- ستصاحبيننا هذه المرة إلى القاهرة .

مع اخر حروف كلماته ، سمعت صفارة السفينة ، التى تشير إلى اقلاعها ، فانتفض جسدها بكل رعب الدنيا ، وهى تسأله مكررة :

- من أنت ؟!

وفى هذه المرة أجابها فى صرامة :

- المخابرات العامة المصرية .

وانهارت (روز) تماماً

وفى الوقت الذى كاد فيه (إفرايم ) يجن ، وهو يقلب مارسيليا رأساً على عقب ،
بحثاً عن (روز) ، كانت السفينه ترسو بهذه الأخيرة ، فى ميناء الإسكندرية ،
حيث تنتظرها واحدة من سيارات المخابرات المصرية أتت أخيراً لتضع نهاية
لهذه العملية ..

عملية زهرة مرسيليا