فى منتصف شتاء 1972 كان الرئيس السادات لاهم له الا جمع المعلومات عن العدو الاسرائيلىاستعداداللحرب وطبعا جمع المعلومات هومهمة المخابرات العامة المصرية وفىيوم كان مدير المخابرات جالس مع الرئيس السادات فى منزلهيخبره باخر تطورات جهاز المخابرات الاسرائيلىوفى وسط النقاش بدأمديرالمخابرات يتكلم على كم العملاء المصريين فىاسرائيل فسأله الرئيس: ماذاعن مقر "جنوة"؟
ومقرجنوة كان واحد من اخطر مقار المخابراتالاسرائيلية فىاوروبا وكان يجتمع فيه اكبرقادة تل ابيب لاتخاذ القرارات البالغة الخطورة والاسرائيليين فى الوقت ده وثقوا فى مقرهمثقةعمياء لان من المستحيل التوصل لمكانه
وقادة اسرائيل عند حدوثاجتماع كانوا يحاطوا بسرية بالغة ونظامامنى شديد التعقيد وتحمل كل واحدمنهم طائرة خاصة يستحيل تعقبها الى جهةمجهولة ثم الى المقر السرى ليحضرالاجتماع واوامر الرئيس السادات كانت واضحةوصريحة الوصول الىمقر "جنوة" وزرع اجهزة تنصت داخله باى ثمن وعلى الرغم من صعوبة العملية بدأ رجال المخابرات المصريينيدرسون الامر بجدية وعقلانية والخطوةالاولى كانت تحديد شخصيات المجتمعين فى المقر وكلالمعلومات عنهم مهما بلغصغرها او بدت تافهه وصدرت الاوامر لجميع رجال مكاتبنا فى اوروبا بجمعالمعلومات اللازمة ،وبذل الرجال جهد هائل حتى ان بعضهم لم يذق طعم النوملأيام متتالية وتجمعبالفعل عند المخابرات المصرية كل المعلومات عنقادة المخابرات الاسرائيليةمن اشكالهم وحتى انواع كريم الحلاقة المفضللديهم وانتقل رجال المخابرات المصرية الى الخطوةالثانية
التنفيذومعرفة الطريقة المثالية للوصول الى مقر "جنوة" وزرع اجهوةالتنصت داخله واجتمعمدير المخابرات بهم جميعا ليبدءوا بالبحث عن الحلول طوال العشر ساعات التالية راحوا يناقشون كلالتفاصيل لتحديد الوسيلة المناسبة لتعقب احد القادة ووضعجهاز التنصت داخلالمقر وبدا هذا اشبه بالمستحيلتماماولكن فى عالمالمخابرات هناك قاعدة ثابتة لا تقبل الجدل
ما من جهاز امنى محكم تماما...هناك حتما ثغرة مافى مكان ما "
وبالفعلبعد ان بدأت روح اليأس فى التسلل اندفع احد رجالالمخابرات (ر.ج) يقول:
نحتاج الى تجنيد شخصبينهم.
وبالطبعانطلقت الاعتراضات والإستنكارات لصعوبة الامر البالغة لكن مع الشرح راحت الاعتراضات تذهب وبدأ الجميع فىتنفيذالفكرةوعندما عاد(ر.ج) الى منزله راح يراجع كل المعلومات عن الشخصياتالتى تجتمع فى مقر "جنوة"
وتوقف طويلاعند صورة المرأة الوحيدة وسطالقادة
"سارةجولدشتاين"
لأن "سارة جولدشتاين" هذه امرأة شرسة قاسية الطباعوصرامتها وقلبها الذى لا يعرفالرحمة فى التعامل مع الاسرى وقد قضت ايامطفولتها الاولى فى معسكرات الاعتقال النازية ثمهاجرت مع عائلتها الىفلسطين قبل حرب 1948 وقتل والدها فىالفالوجا وعانت هى مصاعبالحياة كلها فى حياتها حتى التحقت بالجيش الاسرائيلى وتدرجت فى المناصب حتىوصلتالى ضابط بالمخابرات الاسرائيلية والواقع ان (ر.ج) لم يعرف لماذا اختارها هىبالذات ربما هى الغريزة التىتنشأ مع الخبرة الطويلة حتى انهيثق بها قدر ثقته بالعقلوالمنطق المهم انه اطلق كلفريقه خلفها حتى عثر على الثغرة التى يمكن النفاذ منهااليها صديقها "ميخائيل بوروسكى"
وهو شاب يهودى ومهاجر بولندى جذبتها اليه عيناهالزرقاوانوابتسامته الهادئة ووقعت فى حبه انها اجرت تحرياتها حوله وراقبتهلشهر كاملحتى تأكدت من اخلاصه ثم لم يفترقا بعدها ابدا والمدهش انتحريات المخابرات المصرية قد اكتشفت امر بالغالخطورة ان "ميخائيل بوروسكى" جاسوس سوفيتى وبدأ (ر.ج) فى تنفيذ خطة لم يسبقه اليها احدفى تاريخالمخابرات انطلق (ر.ج) الىباريس حيث تقضى "سارة" اجازتها مع حبيبها "بوروسكى"
وفى ليلة عادت الى حجرتها واضاءتها ، لتجدامامها )ر.ج) جالسا يبتسم فى هدوء ويقول بعبريةطلقة:
مساء الخيريا "سارة"..انا (و.و) من المخابرات العامةالمصرية وكانت مفاجأة مذهلةفى تاريخ المخابرات ان يعلن عن انتمائه للمخابرات المصرية بهذهالصراحة لذا فقد تجمدت فىمكانها حتى قال لها: عندى اشياء تهمك رؤيتها واعطى لها ملفا يحتوى على صور ووثائق وافلام تؤكد ان صديقهاعميل للمخابراتالسوفيتية ولم تستطع الوقوف على قدميها عندما تخيلت تاريخها الامنىينهار مرة واحدة وعندماتهاوت الى اقرب مقد اليها مال عليها (ر.ج) وقاللها:
لكل شئ حلول ولم تحتاج الى فهم الباقى فهى كمحترفه تعلم ماعليهافعله وفى الاجتماعالتالى فى مقر "جنوة" كانت "سارة جولدشتاين" اولالحاضرين واكثرهمحماسة وعند انصرافها تأكدت منوضعها لذلك القرص الاسود فى المكان الذى حدده لها (ر.ج)بالضبط وفى منتصف شتاء 1973 كانمدير المخابرات يقول للرئيس الراحل السادات:
تم تنفيذ المهمةبنجاح....صرنا نسمعدبيب النملة فى مقر "جنوة"
وجاءت حرب اكتوبر لتعلن النجاح المذهل للعمليةالتى اطلقت عليها المخابرات المصرية عملية الأذن الخفية ...