هذة العملية حقيقية مئة بالمئة و حدثت فعلا و كان لها أثر مرعب على القيادةالإسرائيلية، و على المخابرات الحربية الإسرائيلية أيضا، التي فوجئت بعملية تكتيكيةمن العيار الثقيل، و بجرأة غير عادية في الوصول إلى أصعب المواقع العسكرية خلف خطوطالعدو بالرغم من التقارير المخابراتية و الإستطلاعية عن قدرات الجيش المصري طوالالسنوات اللاحقة لحرب يونيو 1967 والتي كانت توضح إستحالة وصول المصريين لهذةالجرأة إلا في حدود معقولة حيث مهاجمة بعض المواقع القريبة من خط بارليف حيث مواقعالذخيرة و الإمداد و غيرها من المواقع القريبة إلى حد ما من القناة ( إلا بعضالعمليات القليلة التي تؤتي بثمار سياسية فقط)، كما أوضحت هذه التقارير إستحالةوجود عمليات عسكرية في عمق سيناء في ظل حالة التراخي للجيش المصري في تلك الفترةالتي تلت فترة تولي الرئيس المصري ( أنور السادات) الحكم في مصر.

×××××××××××××××××××××××

- البداية .



و لكن كيف بدأت هذة العملية التي أذهلت عقول العسكريين فيالعالم كله بجانب المعجزات الأخرى للجيش المصري ؟ و ما هي أسبابها و كيف تم التوصلإلى فكرتها ؟

الحكاية تعود إلى ما بعد مرحلة النكسة و عزل المشير (عبدالحكيم عامر) و (شمس بدران) و تعيين (محمد فوزي) وزيرا للحربية و اللواء (أحمدإسماعيل) مديرا عاما للجبهة، حيث بدا الإعداد من جديد للجيش المصري و إعادة تدريبالقوات المصرية بشكل مختلف و كسر حاجز الخوف عبر عمليات الإستنزاف في قلب سيناء وعلى حدود (خط بارليف) و داخله، و بدأت الحكومة إعادة تسليح الجيش من جديد، و بدأمعه القادة العسكريين إعادة تشكيل الخطة الدفاعية للبلاد و أيضا محاولة تطويرهالخطة هجومية و لكن لم تكن هذة النقطة محل إتفاق في تلك الفترة بسبب ما كان حدث منتطور حيث مبادرة (روجرز) و بعدها وفاة عبد الناصر و أيضا قبل وفاته مذبحةالفلسطينين في الآردن ، و من ثم تولي الرئيس السادات الحكم، وقد كانت الحكومةالسوفيتية في فترة حرب الإستنزاف تمد (مصر) بخبراء عسكريين سوفييت في الجيش المصري،و كان لهم تعليق ساخر و هو ان عبور خط بارليف يحتاج إلى قنبلة نووية أو قنبلتان علىالأرجح، كانت القيادة العسكرية في مصر تدور في فلك مشكلة خط بارليف و لكن المشكلةالأكبر التي كانت تواجهم هي سيناء نفسها حيث أن سيناء طبيعتها جبلية بشكل قوي والمشكلة في التوغل العسكري للجيش المصري في سيناء بعد العبور حيث ان القيادةالإسرائيلية ستدفع بقواتها عبر ممرات سيناء الجبلية التي تمر بين الجبال و التيكانت من بينها ممرات شهيرة مثل ممر (متلا) و بالتالي فإن هذة الممرات مشكلة أخرى فيحد ذاتها بجانب المشكلات التي كانت صداعا مزمنا في رأس القيادة المصرية.

ومع بداية السبعينيات و بالتحديد بعد تعيين المشير (احمد إسماعيل) وزيرا للحربية واللواء (سعد الدين الشاذلي) رئيسا للأركان و بداية الإستعداد لحرب أكتوبر و تطويرالخطة (بدر) إلى خطة هجومية هدفها تدمير خط بارليف و كسر حالة الجمود والتوغل بشكل منظم و محدود في قلب سيناء مع التطوير للهجوم وقت الحاجة، بدأت المشكلةالتي شكلة صداعا منذ سنوات تعود من جديد و تأكيد الخبراء السوفييت قبل رحيلهم ان(مصر) تحتاج إلى قنبلة نووية لعبور القناة و ان عبر جيشها فسيخر في معركة غيرمتكافئة، و لكن كان للعسكريين المصريين راي آخر، رأي كان منه قلب موازين العلومالعسكرية و أسلوب الخطط و العمليات في الحروب التي أتت فيما بعد، حيث رأى القادة فيمشكلة الممرات أن حلها يكمن في إنزال فرق في قلب هذه الممرات لتلغيمها و إيقاف أيوحدات معادية تمر بها و بالتالي شل حركة الجيش الإسرائيلي في قلب سيناء و بالتاليفشل
عسكري مدمر لإستحالة وصول الإمدادات العسكرية لخط المواجهة مع الجيش
المصري( لمن لا يعرف الممرات هي ببساطة شديدة عبارة عن وادي كبير وسط
الجبال من يتحكم فيها يستطيع رؤية سيناء والسيطرة عليها بالكامل تقريبا)، و
مع عنصر المفاجأة وقبلها عنصر الخداع و التكيك ستفقد إسرائيل السيطرة على قواتها وسيصبح عليها التفكير بشكل جدي في الإنسحاب و ترك المواقع و النقاط الحصينة في خطبارليف و خلفه ايضا من اجل الحفاظ على قواتها من مواجهة غير متكافئة أبدا، وبالتالي يتقدم الجيش المصري خطوات للأمام بثبات مع وجود عنصر التقدم الإستجراتيجيفي الحرب على عدوه اللدود.

و بالفعل كان هذا السيناريو الذي توقعه رجال المخابراتالحربية و رجال هيئة العمليات بالقوات المسلحة تحت قيادة اللواء (عبد الغنيالجمسي)، هو ماحدث فعلا في الحرب و بنفس الأسلوب و كأنهم كانوا يعلمون ما سيحدث فيالمستقبل، و فقدت إسرائيل فعلا توازنها بشكل عنيف في الحرب في الساعات الأول، و ذلكلأسباب عديدة أبسطها:

1- المفاجئة العنيفة لجيش إسرائيل، و التي سبقها خداعمنظم من القيادة العسكرية و السياسية في مصر.

2- ظهور تفوق الطيران المصريعلى حساب الطيران الإسرائيلي مما افقد الإسرائلين القدرة على الهجوم المضادبالطائرات المقاتلة أما طائراتنا.
3- الفجوة العنيفة بين قيادة قطاع الوسطالإسرائيلي و الوحدات المشتبكة مع الجيش المصري بسبب إيقاف و شل حركة الإمدادات والذخائر، مما وضع القوات الموجودة في المقدمة هدف سهل التعامل معه للجيش المصري.
4- مصيدة الصواريخ المضادة التي نصبت في القناة، و أيضا تطوير المصيدة بصواريخ متنقلةو خفيفة إلى الأمام بعد عبور قوات المشاة القناة مما قضى على اسطورة سلاح الجوالإسرائيلي و أحدت من خطورتة إلى الأبد.

و كانت لعملية (عنق الزجاجة) أثرعنيف في القيادة الإسرائيلية حيث تسببت هذه العملية بإصابة وزير الدفاع (موشي ديان)بحالة هياج عصبي شديدة بسبب فشله في الوصول بقواته المدعمة إلى خط المواجهه بسببمجموعات من الصاعقة المصري أوقفوا تقدم القوات من قلب سيناء إلى أرض المعركةالمباشرة، مما اصابه الجميع بحالة زهول و شلل في تفكيرهم، فلقد قلبت العملية بالفعلكل الموازين العسكرية في العالم،
فكيف تأتي فصائل (كوماندوز) مصري بسيطة العدد وليس كثيرة بكل هذه الخسائر المدمرة و لمن ؟ لجيش إسرائيل الذي كما إدعوا جيشلايقهر؟
و إذا كانوا المصريين بهذة القوة فأين كانوا من قبل؟
و كيف تطوروا بهذةالسرعة المذهلة؟
و إذا تطوروا بهذة السرعة؟ فليس أكيد تطوروا كافيا لقلب موازينالعلوم و القواعد العسكرية في خطط الحرب و القتال!
فكيف وصلوا لهذة المرحلة مع قلةتسلحهم التكنولوجي و قلة تقدمهم العسكري و إعتمادهم على السلاح الروسي كمصدر وحيد؟

أسئلة كثيرة دارت في رأس المحللين العسكريين لملحمة أكتوبر و لهذة العملية و غيرهامن العمليات، و لكن الذكاء المصري الذي تفوق على الذكاء الإسرائيلي و الأمريكي فيهذة الجولة من الصراع العربي الإسرائيلي، كان هو السلاح الأول والأخير للمصريين، وهو السلاح الذي نجح في العبور بعقول القادة إلى قلب سيناء بخيالهم الواسع و تفكيرهماللامحدود و المنظم في نفس الوقت قبل عبورهم بشكل حقيقي، لقد نجحت الخدعة المسماه ) بعنق الزجاجة) في شل إسرائيل لفترة طويلة في الحرب، حيث أن الممرات حينما تقفالحركة فيها لأي سبب تصبح مثل (عنق الزجاجة) صعب الخروج منها و من هنا بدأ القادةالعسكريون يضعون قواعد اللعبة بذكاء و بدأوا يخططوا في هدوء و صمت لإنزال مجموعةقوات (صاعقة) في الممرات الهامة، ليلعبوا دور خناقة الكلب لرقبة الجيش الإسرائيلي،و شل حركة إمداده و تموينة بشكل قوي.

و كانت المشكلة الأول التي تواجههم هيكيفية حماية أولئك الرجال و تأمين عودتهم خاصة و أن عودتهم ستكون مرهونة بمدة تفوقو تغطية الطيران المصري للوحدات الأرضية التي ستتوغل في قلب سيناء بشكل منظم من اجلإلتقاط هذة الفرق و العودة بها سالمة، و لكن و الحق يقال و الف شاهد له موجود منأهل بلاد الفراعنة و بلاد خير أجناد الأرض التي رفض أبنائها التخلي عن مهام أقل مايقال عنها أنها مهمة موت لا عودة فيها و لا سبيل للنجاة و مطلوب فيها الموت أيضابشجاعة و إستبسال، إذا لزم الأمر الموت يكون بأكبر تدمير للعدو،
رفض رجال يندروجودهم في هذا الزمان ان يتخلوا عن المهمة و زاد عدد المتطوعين بشكل واضح ولكن الذيكان يحكم هذا العدد هو مدى الكفاءة و الصلاحية و القدرات الفردية لكل جندي لأنهامهمة لا تحتاج إلى مجرد فدائي بل تحتاج إلى مقاتل زكي بروح فدائي، يعرف متى يضرببعنف و متى يتوارى عن الأنظار و متى يضحي بنفسه بدون أي تردد لتحقيق النصر، مما ادىإلى تصفية ضخمة لأعداد المتطوعين في هذة العملية، و للأسف لم يتح لنا معلومات عن عددالفرق أو أسماء أفرادها بشكل في تأكيد رسمي ، لكن المؤكد انهم كانوا فرق صغيرةالعدد، و مدربين على مستوى عالي و قوي و إن كانوا قليلين لكنهم أقوياء بقلوبهمالعامرة بالإيمان بحق بلادهم في الحرية و الكرامةو إستعادة التراب الغالي المجنسبأولاد الخنازير.
( لولا تأكدي من القوات المسلحة
واهل مدينة رمانة وبالوظة وهي قري في سيناء بأن القتال كان شديدا حتي ان
الذخيرة نفذت من الجنود المصريين وخرجوا علي اليهود بالسلاح الابيض وعلي
الرغم من هذا اوقفوا التقدم اليهودي كما قال شاهد عيان من شيوخ القبائل )



و بدأت عملية الإنزال في ليلة السادس من أكتوبر، حيثتحركت بعض المروحيات التي تقل الفرق الإنتحارية عبر خط متعرج و إرتفاع منخفض حتىوصلت إلى الأماكن ذات الأفضلية في النزول من حيث إمكانية النزول بعيدا عن أعينالعدو و نزلت الفرق الإنتحارية و أتخذت مواقعها في صمت و سكون و هدوء و بدون ايتوتر أو خطأ و أتخذوا مواقعهم في سواتر مخفية في إنتظار اللحظة الحاسمة.
ومع بداية شروق شمس السادس من أكتوبر و بداية التحضيرات في الضفة الغربية للهحومالمصري كانوا أبطال العملية يتخذوا إستعدادهم الواضح، و يشغلون مواقعهم بشكل سريع ودقيق في إنتظار اللحظة الحاسمة، و مع بداية الحرب و بدأ العبور و سقوط خط بارليفبدأت إسرائيل بالدفع بمنتهى السرعة بقواتها عبر الممرات الجلية من أجل أن تمنعالمصريين من تحطيم أسطورة (الجيش الذي لايقهر)، و بدلا من أن تصل القوات في سلام إلىأرض المعركة فوجئوا بجحيم من المعارك العنيفة في الممرات على قواتهم التي توقفعبورها قبل أن يبدأ في الممرات بسبب (وحوش بشرية) تقاتل كما لو كان اليوم هو آخريوم في عمرها، أسود برية أقسموا على دفع ضريبة الوطنية بدون مقابل أو ثمن، فقط منأجل مصر و من أجل ترابها، تهون الروح و يهون الجسد و يهون كل شيء، إلا (مصر)،

ليكتبأولئك الأبطال بدمائهم الذكية في صفحات من ذهب و ليدون التاريخ أعظم بطولات الحروبفي العصر الحديث و أعظم تفوق عقلي من عقل مصري برغم ضعف إمكانياته لكنه تفوق على منأعلى منه في الإمكانيات التكنولوجية و لكن في الحرب و الخطط و الحياة العسكريةالصراع العقلي هو الحاكم الأول و الأخير في الميدان، و أنهارت قيادة قطاع الوسطالإسرائيلي و أصيب قائدها الجنرال (ارييل شارون) بذهول و فظع و أخذ يتوسل إلىالقيادة الإسرائيلية ان تحاول إمداده بالمزيد من القوات لكن هيهات يا (شارون) فلقدخسرت المعركة قبل أن تبدأها، و إنتصر جيش أدعيتم أنه لن يستطيع القيام بحرب لسنواتطويلة لضعفه و قلة حيلته و قلة مواردة و سوء تنظيمة، فجاء أبناء هذا الجيش لييفتحواأبواب جهنم الحمراء عليكم جميعا، و تتحطم معها أسطورة جيش إسرائيل الذي لا يقهر، وتنهار رئيسة وزراء (إسرائيل) (جولدا مائير) و تطلب المزيد و المزيد من أمريكا منأجل مواصلة حرب خسرتها بالفعل.


و انتهت العملية بنجاح ساحق و أبيد الإحتياطي الإسرائيلي قطاع الوسط في سيناء بنسبة 89% و ال11 % الباقون إنسحبوا في إنتظارالمدد من تل أبيب .
جدير بالذكر ان خالي انا شخصيا
الشهيد ( حمزة احمد مصطفي ) كان احد شهداء هذه المعارك في سيناء وتتبعنا
اثاره فيها مع شيوخ القبائل حتي توصلنا ما هو مكتوب بالموضوع

رحم الله شهدائنا جميعا